أموال عربية تُسرق … وبنوك عالمية تستخدمها للإقراض

ثمة سؤال يعتمل في النفس، وهو أين تذهب الأموال الشرق أوسطية، ومعظم الدول الأفريقية والآسيوية، خصوصاً الفاسدة منها، ولماذا تلك الشعوب فقيرة، بينما لديها ثروات طبيعية عدة، إذا استخدمت في موضعها الصحيح لكانت أفضل بكثير مما هي عليه اليوم؟
على هذا السؤال يجيب أحد أباطرة المال الغربيين، فيقول بما معناه: الفاسدون من المسؤولين والحكام في الشرق الأوسط، ومعظم الدول الأفريقية، والآسيوية التي يحكمها الفساد وعدم الشفافية، لديهم حسابات في معظم المصارف الغربية أو الأوروبية، والكثير منها في سويسرا، وهذه الأموال، والكثير منها، لا تستثمر في الدول التي نُهبت منها، فالحسابات مفتوحة إما بأرقام سرية أو أسماء وهمية، ومعظمها لا أحد يسأل عنها، إما لأن أصحابها ماتوا أو اغتيلوا، وليس لديهم ورثة، أو انقلب عليهم خصومهم، وبالتالي بات من المستحيل استخدامها خوفاً من المساءلة، لذا تصبح ملكاً للبنك، وتدخل في أصوله، وفق القوانين المعمول بها في دولنا، إذ بعضها بعد 15 أو 20 عاماً، إذا لم يحرك الحساب المصرفي يحق للبنك الاستيلاء على الأموال، وبعضها ذهب ومجوهرات، وشهادات أسهم.
ويضيف: إن هذه الأموال نستخدمها في إقراض تلك الدول وشعوبها المنهوبة، فنجني منها فوائد عالية، أي أننا نقرضها من أموالها، ونستفيد منها، ولهذا نحن نشجع الفاسدين على ذلك.
هذه النتيجة الواقعية، المجردة من أي قناع، كانت السبب في أن دولة واحدة تجعل نحو 10 في المئة من ناتجها الوطني يعتمد على “الأموال الضائعة” منذ أوائل أربعينيات القرن الماضي، فنصف الأصول المدرة في سويسرا وحدها، البالغة 8.6 تريليون دولار، مملوكة لعملاء أجانب، معظمهم من الشرق الأوسط وأفريقيا، والكثير منها لم تستخدم منذ سنوات، أو لم يسأل عنها أحد.
يقول هذا المصرفي: نحن سعداء بذلك، فالمسؤولون والقادة هناك يسرقون شعوبهم ويرسلون أموالهم إلينا، ونحن نستثمرها في الطرق التي تخدم دولنا، وكذلك رفاهية شعوبنا، بينما هم يرزحون في الفقر والجوع والتخلف، لتسديد قروضنا.
إذا كانت دولة واحدة تستحوذ على كل هذه الأموال، ففي المقابل هناك الكثير من الدول الفاشلة، أو جعلها حكامها فقيرة تعاني من فقر مدقع، ففنزويلا التي كانت ذات يوم منتجة للنفط ومزدهرة، صارت اليوم واحدة من أفقر دول أميركا اللاتينية، إذ يعيش جميع السكان تقريباً (96 في المئة) تحت خط الفقر، وهذا نموذج من النهب الممنهج.
تلك التريليونات يمكنها إنعاش شعوب تعاني العوز، والجوع، والعمل على بناء بيئة اقتصادية وصناعية وخدماتية منافسة، وجعل البنية التحتية في معظمها متطورة، لكن ذلك يحتاج إلى قناعة وطنية بما يجب أن يكون عليه حكم الدولة، أي دولة، لأن الأحداث الأخيرة، خصوصاً قرارات الرئيس الأميركي الحالية، التي طالت ما يزيد على 90 دولة، كشفت مدى ضعف العديد منها في مواجهة أي أزمة غير متوقعة، بينما الدول التي عملت منذ الأساس بالشفافية، وكان المسؤولون فيها يعملون وفق القانون، وبحس وطني، بدأت تتخطى هذه الأزمة، فيما دول عربية عدة وقعت تحت سيف العجز.
لو كان قادة تلك الدول وظفوا أموال بلادهم فيها، وحافظوا على الأموال السيادية بدلاً من نهبها، وذلك بطرق شتى، لتغير الكثير في الدول النامية، أو بالأحرى “النائمة” على سرير من شوك الأزمات، بسبب عدم ثقة مسؤوليها في أنفسهم وشعوبهم.
رابط المصدر