مقالات - Articles

اكتشاف حفرة سبّبها نيزك أقدم بمليار سنة من أقدم حفرة معروفة

اكتشفنا أقدم فوهة نيزكية على الأرض، في منطقة بيلبارا غرب أستراليا، وقد تشكلت هذه الفوهة قبل أكثر من 3.5 مليار سنة، ما يجعلها أقدم فوهة معروفة، بفارق أكثر من مليار سنة.

من اللافت أن الفوهة كانت بالضبط حيث كنا نتوقع، ويدعم اكتشافها نظرية نشأة أولى قارات الأرض.

تشكلت أقدم الصخور على الأرض قبل أكثر من 3 مليارات سنة، وهي موجودة في نوى معظم القارات الحديثة. مع ذلك، اختلف الجيولوجيون على كيفية تشكلها وسببه.

لكن يوجد اتفاق على أن هذه القارات المبكرة كانت مهمة للعديد من العمليات الكيميائية والبيولوجية على الأرض.

يعتقد العديد من الجيولوجيين أن الصخور القديمة تشكلت فوق أعمدة ساخنة ارتفعت من نواة الأرض المعدنية المنصهرة، مثل الشمع في مصباح اللافا. لكن يؤكد آخرون أنها تشكلت نتيجة عمليات تكتونية للصفائح مشابهة للأرض الحديثة، إذ تتصادم الصخور وتتدافع إلى أعلى وأسفل.

رغم اختلاف السيناريوهين، فإن كليهما مدفوع بفقدان الحرارة من باطن كوكبنا.

قبل بضع سنوات، نشرنا بحثًا يشير إلى أن الطاقة اللازمة لتكوين القارات في بيلبارا جاءت من خارج الأرض، في صورة اصطدام واحد أو أكثر مع نيازك قطرها عدة كيلومترات.

ومع انفجار كميات هائلة من المواد وصهر الصخور المحيطة، أنتج الوشاح كتلًا سميكة من المواد البركانية، التي تطورت إلى قشرة قارية.

كان دليلنا هو التركيب الكيميائي لبلورات صغيرة من معدن الزركون بحجم حبيبات الرمل تقريبًا. لكن لإقناع الجيولوجيين الآخرين، فضّلنا أن يكون الدليل شيئًا يراه الناس دون الحاجة إلى مجهر.

في مايو 2021، بدأنا رحلة طويلة شمالًا من بيرث، امتدت أسبوعين من العمل الميداني في بيلبارا، لنلتقي شركاءنا من «هيئة المسح الجيولوجي لغرب أستراليا» (GSWA)، للبحث عن الفوهة.

كان هدفنا الأول طبقة صخرية غير عادية تُعرف باسم «عضو أنتاركتيكا كريك»، التي تبرز على جوانب قبة قطرها نحو 20 كيلومترًا، يبلغ سمك عضو أنتاركتيكا كريك نحو 20 مترًا فقط، ويتكون غالبًا من صخور رسوبية محصورة بين عدة كيلومترات من الحمم البازلتية الداكنة.

مع ذلك، يحتوي أيضًا على كريات، وهي قطرات تشكلت من الصخور المنصهرة التي قذفها الاصطدام. يُحتمل انتقال القطرات عبر العالم من اصطدام هائل في أي مكان على الأرض، على الأرجح من فوهة دُمّرت سابقًا.

بعد مراجعة خرائط (GSWA) والصور الجوية، حددنا موقعًا في وسط بيلبارا على طول مسار مُغبر لبدء بحثنا.

خطر لنا جميعًا الأمر ذاته: أننا وجدنا مخاريط التفتت. وهي هياكل متفرعة جميلة ودقيقة، تشبه كرة الريشة، وهي السمة الوحيدة للصدمة المرئية بالعين المجردة، ولا تتشكل في الطبيعة إلا بعد اصطدام نيزك.

بعد أكثر من ساعة من البحث، وجدنا ما كنا نبحث عنه بالضبط. إذ هبطنا على أرضية حفرة ارتطام ضخمة قديمة.

بعد التقاط الصور وجمع العينات، انتقلنا إلى مواقع أخرى، لكننا عزمنا على العودة في أقرب وقت ممكن. وأهم من ذلك، كنا بحاجة إلى معرفة عمر مخاريط التفتت. هل اكتشفنا أقدم حفرة معروفة على الأرض؟

بعد إجراء بعض الأبحاث المخبرية، عدنا إلى الموقع في مايو 2024 لقضاء عشرة أيام في فحص الأدلة بمزيد من التفصيل.

كانت مخاريط التفتت منتشرة في كل مكان، متكونة في معظم أودية أنتاركتيكا كريك التي تتبعناها مئات من الأمتار في تلال بيلبارا المتموجة.

أظهرت ملاحظاتنا وجود طبقة سميكة من البازلت فوق طبقة مخاريط التفتت، دون دليل على صدمة ارتطام. هذا يعني أن عمر الاصطدام لا بد أن يكون مساويًا لعمر صخور عضو أنتاركتيكا كريك، الذي نعلم أنه 3.5 مليار سنة.

أصبحنا نعرف العمر، وأصبح لدينا سجل لأقدم فوهة ارتطام على الأرض. ربما لم تكن أفكارنا حول الأصل النهائي للقارات مجنونة كما قال الكثيرون.

الصدفة أمر رائع، باستثناء السكان الأصليين، شعب نيامال، لم يرَ أي جيولوجي هذه المعالم المذهلة منذ تشكلها.

مثل من سبقنا، جادلنا بأن لاصطدامات النيازك دور أساسي في التاريخ الجيولوجي لكوكبنا، وهو ما يتضح على قمرنا المليء بالفوهات، وعلى كواكب وأقمار وكويكبات أخرى. الآن، لدينا فرصة لاختبار هذه الأفكار بناءً على أدلة دامغة.

من يدري كم من الفوهات القديمة لم تُكتشف بعد في النوى القديمة للقارات الأخرى؟ سيغير العثور عليها ودراستها فهمنا للأرض في مراحلها المبكرة، ودور الاصطدامات العملاقة، ليس فقط في تشكيل الكتل الأرضية التي نعيش عليها، بل في أصول الحياة ذاتها.

اقرأ أيضًا:

لماذا لم نستطع إيجاد بقايا أكبر نيزك ضرب كوكبنا؟

العثور على فوهة أحد أكبر النيازك التي ارتطمت بالأرض

ترجمة: ماسة فؤاد كريم

تدقيق: تمام طعمة

المصدر


رابط المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى